كانت
احدي ليالي السهر التي يتجمع فيها الرفاق والعشاق والأصدقاء وأصدقاء
الأصدقاء والعابرون بغير اتفاق حول منضدة واحدة في أحد البارات القديمة وسط
الاسكندرية. نتدفق تدريجيًا من أركان المدينة نحو ركن واحد يبدو للكل
كاكتشاف لائق بليلة كان دخولها مملًا. بدأَتْ بثلاثة كنت أحدهم فاجأه
النادل الذي يعرفه جيدًا: "ملامحك غريبة كدا ليه؟"، بهتني السؤال قبل أن
يأتي ذلك القرار اللحظي بتحويل الليلة بكاملها، فأقول
له بشَرٍّ ماجن أثناء اعتلائي الكرسي وصعودي فوق المنضدة: "مش عارف، تعالى
نسأل ربنا كدا. يا رب ملامحي غريبة كدا ليه؟" وأنا أشير بيديّ نحو السماء
مصطنعًا الحيرة والتذلل. نضحك جميعًا ونلقي أول حجر في بركة الليل. هكذا
يتتالى الجمع، بدايةً بذلك القاص الذي فاجئني بعد التحية وفور إقباله نحو
منضدتنا مع حبيبته الأجنبية البشوشة قائلًا: "باعمل حاجة مزيكا كدا من ١٤
جزء اسمها «مسيرة النمل»". اهتم وأطلب منه أن يحكي أكثر، فيسحب كرسيًا بعد
تشجيع من حبييبته التي تعرف أهمية الاطراء بالنسبة لحبيبها في هذه الليلة
الكئيبة. تجلس بجواري لتشجيعي على تشجيعه. تظهر ابتسامة عريضة على ملامحه
من لامكان وهو يخلع حقيبة ظهره. يستمر توالي الناس حتى تصبح الإضاءة
مصباحًا وحيدًا في البعيد البعيد من البار، اكتفى به النادل تهيئًة لما
التقطته أنفه الخبيرة منذ رآنا نقدم قرابين للبهجة عند السابعة مساءًا.
وصعدت مرة أخرى فوق المنضدة بعد الازدحام وأنا أرد نفس الرد على نفس السؤال
من صديقة لحقت بالركب متأخرة: "مش عارف، تعالي نسأل ربنا كدا. يا رب
ملامحي غريبة كدا ليه؟". يتضاعف الضحك الأول صخبًا بعد أكواب البيرة
والدخان الذي عبّأ المكان عبر ما يقرب من ساعتين. كما أن المُزحة جاءت في
توقيت يثبّت الليلة داخل الذاكرة، ويُخبر القادمون الجدد من هول صيحات
الأقدم منهم أن تلك ليلة خبيرة بدأت قوية بدونهم وعليهم الانصياع لها.
Monday, 4 February 2013
Subscribe to:
Post Comments (Atom)
No comments:
Post a Comment