Monday, 31 August 2009

حلم روائى قصير

ثمّة وبَاء يجتاحُ المَدينة. كانت الإجْراءات مُشدّدة للدرجة التى تطلب معها احتجازَنا داخِل أحد مداخل مترو الأنفاق. زحامٌ معقول فوق درجات السلم, وأحاديث متبادلة عالية. لم يكن بالمكان هلع, بل ترقُّب. كانت هناك زوْجَة على وشك الولادة. انشغلتُ بأمرها مع أحدِهم بلا فائدة. يمر الوقت فأدرك فجأة أنِّى نسيت الأمر. الطريق المُؤَدِّى من المدخل إلى داخل محطة المترو مسدود بباب خشبى قديم. نعلم كلنا أن من تأكدت إصابتهم محتجزون وراءه. أقف إلى جوار الباب وأزيحه بفضول, من الإنفراجة الضيقة أرى غرفة تعذيب وسرداب ملتوي يختفي فيه المسئولون جريًا خلف المصابين. المصابون لحَاهم طويلة بشكل غريب. استجدانى ثلاثة منهم بنفس النظرة راكعِين, ربما لأن لهم نفس الملامح. صديقٌ لى كان مسئولاً يجلد مصابًا. لم يلاحظني. أغلقت الباب بهدوء مندهشًا فإذا بدرجات السلم يغمُرها ضوء شمسٍ ساطعة. تمر أعلاه أنثى خمسينية شديدة الجمال والرشاقة. أنيقة حتى مخارج ألفاظها. تسألنا - نحن المتبقون - بصوتٍ رقيق, إذا ما كنا نريد الذهاب إلى شاطئ "آن ماري". يتردد زملائِى, أصعد درجتين ناحيتها, وأخبرها بابتسامة مهذبة جدًا أنى سأسأل عن مكانه إذا ما أردتُ الذهاب. انصرفتْ السيدة بخفة وابتسامة لأتبعها مندوهًا. خارج النفق هناك ميدان لا شئ يدل على أسبانيته لكنه كذلك. ضوء الشمس يغمره كله أيضًا. مجموعة رجال ونساء يرتدون المايوهات, ويسيرون معًا بثقة وكأنهم يمارسُون طقس الذهاب إلى الشاطئ. كلٌّ منهم يسحب حِصانًا خلفه. السيدة الخمسينية تعدو بخفَّة فى أنحاء الميدان وكأنها لا تلمس الأرض. يتجهون جميعًا إلى شاطئ "آن ماري" المجاور للميدان. الشاطئ عبارة عن خليج داخل الرمل. أمواجه عاليه نسبيًا. تبعتُ الناس يقفزون في الماء, حتى استوقفتنى مناقشة حادة بين شاب أسبانى يتكلم العربية بلكنة غريبة وصاحب فندق يبادله نفس اللكنة. يتجادلان حول المبلغ المدفوع ومفتاح الغرفة الضائع. أملّ مناقشتهم لأجد تترات نهاية تظهر فجأة وبهدوء فى الأفق. وموسيقى فى الخلفية تخبرنى أن كل شئ موجود, ويقتسم نفس المكان.