(1)
خ
م
ن
ماذا تقول شفتان عبر الزجاج
شفتان فقط
دون عينين تـعينان
خمن
* هل تحدثك أنت؟
* هل الكلام طيب أم قبيح؟
* هل الكلام محتاج الى كلام؟
تريث قليلاً ثم خمن
أو
أكسر الزجاج.
- من ديوان (معلقة بشص) لفريد أبو سعدة.
( 2 )
ربما الحزن هو افتقاد اللغة. ربما اللغة تتلاعب بالثقة. ربما الخـَرَس يغلق دائرةَ التعاسة. ربما تجعلنا اللغة تعساء مثاليين. ربما عينيك و أذنيك wide shut. ربما اقتسام المكسب كان أنبل من اقتسام اللغة و الخسارة.
( 3 )
لم تصبه حُمَّى منذ ليلة افتتاح دورة الألعاب الأوليمبية فى برشلونة قبل أعوام طويلة. ليلتها تصبب عرقاً واهتاجت الألوان أمامه, لم يرى ألواناً بهذا الزخم, اتجه نحو أبيه فى فراشه وأخبره أن تنيناً أحمر و آخر أزرق يهاجمانه من شاشة التليقزيون, تثائب الطبيب وطلب منه اعتلاء الفراش, دثره جيداً. يفعل, لكن العرق يزداد انهماراً من جبهته وتحت إبطيه. فيرى التنينين يبتسمان, الرؤية تضيق. صوتُ التليفزيون - لا يزال مفتوحاً - يأتيه من الخارج مشوشًا. ينامُ غرقاً.
( 4 )
كان ينظر إلى عينيها و يُديم النظر, كانت تنظر إلى عينيه و تستطيب النظر, صامتان و لا شئ يرتفع. فقط الصديد ينز من مكان ما, و أيضاً لا شئ يرتفع, تم نسيانهما هكذا يكذبان. أصبح يحَدِّث نفسه على فترات بضمير الغائب ملصقاً كوابيسه عن الأبيض و الأحمر بأبطال الروايات.
( 6 )
تقـمص من قبل دورَ فاكهةٍ رطبة فى ليلة حارة, سيجارة فى صالة انتظار, فنجان قهوة فوق طاولة مقهى, ابنٌ وحـيد لأبٍ مُـنهـك, بابا نويـل لطفـل ساذج, عضو ذكرى بفرج امرأة... صارت صرخـته: كنتُ هنا يومًا, كنتُ لكِ خروجاً.
( 7 )
على إحدى الطرق السريعة أخطأ كلبٌ قياس المسافات, اعتقد الكلب بقدرته على العبور قبل مرور السيارة. حبس أنفاسه و جرى. رآه يجرى و حبس أنفاسه هى الأخرى. سمع الكلب يئِّن للحظة قبل أن يصمت تماماً بمكانٍ لم يره, يضرب بيديه تابلوه السيارة دون أن يلتفت نحو أبيه على المِقْوَد, أوقفا السيارة ونزلا لضبط لوحة الأرقام, احتكاك اللوحة بأسفلت الطريق لكيلومترين كاد يصم آذنانهما, ركبا و أكملا الطريق بلا تعليق.
( 8 )
اجتمع النقيضان هنا. كَـتب عن رائحة السفر ليلاً بين مدينتين, عن رائحة الشجر المُترب بين صديقين, و عن رائحة الذِّكرَى المبتورة بين حبيبين, يكتب الآن عن إرهاصات عضو انتصب. لم ينس إعادة ما كتبه عن ذات الشعر الأسود وعن المصابيح والابتسامات والأوراق النقدية.