Wednesday 3 January 2007

المكَارْكَة

سيتم كُل شئ بتمامِه و بكمالِه، لكنْ بصعوبةٍ زائدة.

--------------

هامش طويل عن" المِكَارْكَـة" (كَارَكَ , يُكَارك فهو مُكَارِكْ):

المكاركة مفردة عاميّة - أبيحة أحيانًا - تعني المحاولات، المرهقة بالذات، طويلة الأمد تحديدًا، لأجل إتمام مهمةٍ ما سهلةً كانت أو صعبة. المهم أن الإنسان المكارك لإتمام مهمته يمر بسلسلة طويلة متفاوتة التعقيد لحل وفك وإحلال وتبديل وتخمين وتوفيق وتبديل بهدف الوصول إلى نهاية مرضية له أو لغيره. وأحيانًا بهدف الوصول إلى أقرب شكل تصوَّره هوَ قبل المكاركة. من الأمثلة البسيطة لفعل المكاركة، عند محاولة أى فرد استعمال الـ Remote Control الخاص بالتليفزيون الموجود فى حجرته ليلاً لمشاهدة فيلم. يتأهب لذلك متأنقًا بأدفئ ملابس الشتاء، مختبئًا أسفل الأغطية، ثم تأتى بطارية الـ Remote لتختار هذا التوقيت بالذات وتقدم استقالتها. يضغط على زر الـ Remote بلا جدوى. يبدأ فى نزع غطاء البطارية لـ "عَضْعَضة" البطارية على أمل. قد تستجيب البطارية وقد تأبى فهناك دون شك مَن "عضعضها" قبله. البعض يحاول تدفئة البطارية فى ماء دافئ داخل براد الشاي على أمل أيضًا. كلاهما لا يريد النزول لشراء بطارية جديدة لأسباب مختلفة, النزول لشراء بطارية جديدة يعنى بتر المتعة التى يطمح إليها وتجبيرها بجبيرة المجهود االمبذول هبوطًا وشراءًا ثم صعودًا مرة أخرى. يتعكّر المزاج فيدرك أنه على وشك المكاركة. العنيدون من الناس سينجحون بالتأكيد فى تشغيل الجهاز. لكن بعد فترة أطول و مجهود أعنف وتوافيق وتباديل لم يتوقعها أى منهم. سيكتفي بعضهم فى النهاية بإصلاح مشكلة الـ Remote لينامون ليلتهم دون فيلم، مطمئنين أن ما حدث الليلة لن يحدث الليلة القادمة.

ترتبط كلمة "المكاركة" بكلمة أخرى مشابهة جدًا؛ "الفرهدة". لكنها - المكاركة - تبقى الأكثر خصوصيةً وتحديدًا واتساعًا فى الوقت ذاته. هى لا تعنى تعبًا أو إجهادًا بقدر ما تصف شعورًا وطريقة حياة. المكاركون الأصلاء لا ينكسرون بفشل محاولاتهم الأولى, يكاركون ويكاركون قافزين فوق العقبات والعوائق من أجل تنفيذ مهمتهم ومتعتهم. ينظفون الـ Head فى الكاسيت من أجل سماع أحد الشرائط, يضعون علبة كبريت تحت أرجل المناضد من اجل ضبط الإتزان, يثبتون حجر الشيشة في مكانه بـ "تخشينة", يضغطون فيشة الكهرباء بأى قطعة أثاث حتى لا تفلت من مكانها. يتحول معهم فعل المكاركة بمرور الوقت إلى مصدر من مصادر التسلية والمتعة، خاصةً حين يتلمس بعضهم فى نفسه القدرة الأصيلة على المكاركة وأنه لن يلين بتأخّر إتمام مهمته أو بتعطيلها. المكاركون أنواع أيضًا, بعضهم يكارك بهدف المكاركة، البعض الآخر يكارك فى أوقات وظروف معينة يحددها هو، قرر - هذا النوع الأخير من المكاركين - أن طاقتهم عظيمة يجب ترويضها، وأن عليهم استخدامها بحرص وبترشيد. هذا النوع عادةً لا يكارك فى أنصاف المهام, أو مع أنصاف الناس. إذا ما فشل فى صناعة فيلم - مثلاً - داخل مؤسسة تعليمية أو ورشة عمل ما, سيصنع فيلمه خارج الورش والمؤسسات بمجهود أكبر وبمساعدات المحيطين به. إذا ما فشل مشروعه التالي فى الحصول على منحة تمويل سيبحث عن غيرها غير مستاء بشكل قد يدهشه هو نفسه. فهو يدرك أنه سيتسلى بمجهوده, سيتسلى بالمحاولة, وستتم مشاريعه فى النهاية, العنيدون هم بالأساس مكاركون من نوعٍ خاص.

يستخدم البعض لفظة "مكاركة" لوصف العملية الجنسية بين العديد من فصائل المملكة الحيوانية. إدخال العضو الذكرى داخل وخارج المهبل, إستثارة البظر بالأصابع, التقبيل, لعق مناطق الجلد الحساس باللسان كالأذن والرقبة وباطن الفخذين. إلخ إلخ من عمليات الإستثارة الجنسية بهدف الإشباع. عمليات تقوم كلها - على الأقل فى تكنيك أدائها البدائى - على التكرار والمحاولة المستمرة داخل معادلة محسوبة رغم تلقائيتها. العضو الذكرى يدخل ويخرج بإيقاع، أيًا كان وضع أطراف المعادلة بالنسبة إلى بعضهم، وأيًا كان عدد المشاركين فى العملية الجنسية. المهم أن ثمة إحتكاك وخروج ودخول مؤلم وعنيف به الكثير من "الفرهدة". الخروج والدخول يسمى "مكاركة". هو يكارك، هى تكارك. كل منهما بهدف إتمام المهمة الممتعة التى يريدونها. لم تكن أبدًا العملية الجنسية المشبعة قذف أو Orgasm من اللمسة الأولى، بدون إحتكاك وفرهدة ومكاركة، وإلا فقد الجنس متعته. Jane Fonda فى فيلم الخيال العلمى المأخوذ عن إحدى القصص المصورة الفرنسية الأكثر مبيعًا وقتها Barbarella، الذى أخرجه زوجها فى ذلك الوقت Roger Vadim تحت نفس الاسم Barbarella عام ١٩٦٨. لم تستطع إقناع John Phillip Law فى الكوكب الذى حلت مركبتها الفضائية عليه بأن ممارسة الجنس معها عن طريق حبة يبتلعاها ثم يمسك كل منهما بيد الآخر مغمضًا عينيه ستصل بهما إلى النشوة! عن طريق المكاركة وحدها والألم ودخول كل منهما فى الآخر وصلت Barbarella إلى نشوتها، رافضةً بعد ذلك أن تعود إلى الجنس السلمى الذى يمارسه أهل كوكبها. كل شئ سيتم بتمامه وبكماله، لكن بصعوبة زائدة. المكاركون الأصلاء يستمتعون بها فى كثير من الأحيان.